الاثنين، فبراير 16، 2009

رواد الشواطئ في فصل الشتاء



من منا لا يعشق الجلوس أمام البحر و النظر إلى هذا المخلوق الشاسع العريض الذي يثير إحساسا بالارتياح حينا و بالرهبة حينا آخر, و قد يسرح العقل و يغيب في حالة تفكر في هذا العالم المائي الكبير و في عظمة خالقه سبحانه,حقا هي لحظات قد لا نشعر بمرور الزمن أثناءها و قد لا يوقظك و يرجعك إلى نفسك إلا ضحكة طفل من هنا أو صرخة طفلة من هناك , أطفال صغار يضحكون و يلهون, مرتدين معاطفهم و لباسهم الشتوي, مصحوبون بعائلاتهم , أسَر استغلت توقف الأمطار و دفئ الشمس المؤقت حتى تروح عن نفسها و عن أبناءها, خاصة مع قلة - إن لم نقل انعدام- الفضاءات المخصصة للأطفال في مدينتنا السياحية الجميلة, و أنا لن أذكر منطقة بالتحديد لأنني على يقين أن ما رأيته و لاحظته ليس حكرا على منطقة دون أخرى.

إلا أن هذا الجو الدافئ سرعان ما يتغير مع اقتراب غروب الشمس, إذ سرعان ما يتسلل إلى الشاطئ شبان و شابات يتمشون على شاطئ البحر أزواجا, مشيتهم- كل ما أستطيع القول عنها أنها- ينقصها الكثير من الحياء , لا حياء من الخَلق و لا حياء من الخالق عز وجل, و ما خفي أعظم. و مما يزيد المشهد أسى و تحسرا هو وضع بعضهن خِرقاتٍ على رؤوسهن, يتشبهن بزي المتحجبات مع أن لباسهن و هيئتهن لا تتجلى فيها شروط الزيّ الشرعي للمؤمنة, بل إن هيئتهن و لباسهن بعيدان كل البعد عن اللباس المحتشم , كما أنني سمعت أن ما يحدث بعد الغروب أدهي و أمر, حفظ الله بناتنا و جميع بنات المسلمين.

أتساءل من الجاني و من الضحية؟ ما الذي أوصل بناتنا و أبناءنا إلى ما أصبحوا عليه؟ ماذا فعلنا نحن حتى أوصلناهم لذلك؟ و ماذا فعلنا لحمايتهم منه و لصدهم عن هذا السبيل؟ من الذي يشجع الفساد في بلدنا الحبيب؟ و من الذي يريد و يعمل من أجل أن يصل فلذات أكبادنا إلى هذه الدركات؟ أين أنت؟ و أين أنا؟ بل أين نحن من نصر الله تعالى الموعود؟ و متى نكون أهلا لهذا الفتح المحتوم ؟ أين نحن- لله دركم- من القدس الشريف؟

حسبنا الله و نعم الوكيل

أسأل الله تبارك و تعالى أن يحفظنا و يحفظ أبناءنا و جميع أبناء المسلمين من كل سوء, و أن يهدينا و يهديهم سواء السبيل, اللهم ردّ بخَلقِك إليك ردّا جميلا يا ربّ.

الاثنين، فبراير 02، 2009

غزة: حين يكون الموت حياة للكلمة والمبدأ

الموضوع منقول من موقع "أخوات الآخرة" , و أشير إلى أن جميع مواقع جماعة العدل و الاحسان محجوبة في مغربنا الحبيب منذ 17/01/2009

ذة.لطيفة علوش 29 يناير 2009

الموت قدر محتوم، والكل يجهل الكيفية التي يتجرع بها ذلك الكأس، ﺇﺫ تتنوع الأساليب التي يلاقي الإنسان بها حتفه׃ ﺇما هدما أو حرقا أو خنقا أو بحادثة سير أو باعتداء من أحد أو بفعل يده عند تمرده على القدر... والأسهل من ﺫلك كما يعتقد البعض أن تقبض روحه على فراشه. لكن الأجمل من ﺫلك كله أن يختار الإنسان الموت بكرامة على أن يحيى حياة اﻠﺫل والهوان. فمتى يكون الموت حياة للكلمة والمبدأ؟.

قل باسم رب الغلام ثم اقتلني
من منا لا يقرأ سورة البروج ولا يعلم سبب نزولها وﺇنّ في سبب نزولها لعبرة، كما هي العبرة من صمود سكان غزة وثباتهم. فقد اختار الغلام علم الكتاب، وأصبح بارعا فيه، في حين كان الملك يريد منه أن يصبح ساحرا ليتولى منصب الساحر الذي أشرف على الموت. ولما اختار الغلام طريق الحق، عاداه الملك وحاول قتله مرارا وتكرارا؛ لكن عند كل محاولة قتل كان الغلام الموقن بتأييد الله ونصرته له يردد«اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت.» فيتعذر على الملك قتله. ولما أراد الغلام أن يعتنق سكان تلك المنطقة مبادئه السامية، ويتخلصوا من عبادة الملك آثر الموت لتحيى كلماته، وتنتشر. فقال للملك׃ إن أردت قتلي فاجمع الناس في صعيد واحد، وخذ السهم وقل بصوت عال باسم رب الغلام، ثم سدد ضربتك نحو صدري حينها سأموت. وبالفعل ھﺫا ما قام به الملك فاستشهد الغلام؛ لكن صاح الجمع قائلين׃ آمنا برب الغلام. فأصبحت كلماته حية تسري في أوصال سكان البلدة، حررتهم وأعطتهم إرادة قوية مكنتهم من الصمود والثبات في وجه الجلاد الطاغية الذي حفر الأخاديد وأشعل فيها النيران وأحرق كل من آمن برب الغلام. رب غلام ﺫلك الزمان هو رب حماس غزة في زماننا، والكلمة الحرة الصادقة لها ثمن كان سيد قطب رحمه الله يقول׃«أعمالنا دمى لاتسري فيها الحياة إلا بدمائنا.» فرب دم طاهر يضخ دماء جديدة في شرايين الأمة التي كاد قلبها يتوقف عن النبض.


لو قتلتم الآلاف منا لن تقتلوا روح الإرادة فينا
ھﺫه العبارة يرددها سكان غزة كل يوم من بدء القصف عليهم، يرددونها قولا وفعلا. فأنت حين ترى أطفالا تقطع أطرافهم، وتمزق أحشاؤهم، ويذهب نور بصرهم، وتشوه خلقتهم بأسلحة الفسفور الأبيض المحظور دوليا- واﻠﺫي لازال قيد التجربة- وترى الشباب في مقتبل العمر تتناثر أجسادهم هنا وهناك، والحوامل تبقر بطونهم، والشيوخ الضعاف تهدم بيوتهم عليهم. ترى شعبا أعزلا يحارب برا وبحرا وجوا بقذائف الهاون وبأحدث أنواع الأسلحة وأخطرها. ومع ﺫلك تجدهم صابرين صامدين لا يتأففون ولا يلقون باللوم على حما س كما يفعل بعض القادة العرب الدين يتحدثون من بروجهم العاجية وكراسيهم الناعمة.

فأنت حين تراهم تنحني إجلالا وإكبارا لشموخ هممهم وعلو قدرهم. فهم وإن ماتوا بتلك الطريقة البشعة فهم أحياء عند ربهم يرزقون. كما أنهم يحيون فينا معنى الانتماء للإسلام، ومعنى حياة الكرامة والعزة التي أرادها لنا رب العالمين، وعبر عنها الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه بقوله׃«جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام».

وبالمقابل فإنك تستصغر كل حقير يقبل أيدي الشياطين ويركن إليهم في السر؛ ويعلن نصرته للإسلام والمسلمين وقد قال عنه الحق عز وجل« و ﺇﺫا لقوا اﻠﺫين آمنوا قالوا آمنا وﺇﺫا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون»(1) يبيع آخرته وعزته بفتات موائد اللئام، فيعيش مهانا ويموت مهانا، يعيش خائفا حذرا من أن يفتضح أمره، وتنكشف موبقاته التي نال بها رضا الطغاة. قال تعالى «يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يوفكون»(2)؛ ويموت ملعونا ملطخا بدماء الشهداء. فليعلم هؤلاء أن الذنب لاينسى والدين لايبلى والديان لايموت اعمل ما شئت كما تدين تدان.

فاللهم تقبل من إخوتنا في غزة صبرهم وأيّدْهم بنصرك المبين، وارفع مقام شهدائهم إلى عِلّيين. وأحْي بدمائهم ضمائرنا وقلوبنا لنهب قائمين نقض عرش كل جبار لعين، ونقوض صولجان كل مستكبر عنيد. آمين آمين والحمد لله رب العالمين.

---------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة׃13-14
(2) المنافقون׃ 4

اقرأ أيضا

أوقفوا المحاكمات الصورية
ملف الأخت حياة