الأربعاء، نوفمبر 18، 2009

العشر من ذي الحجة ..........أفضل الأعمال في أفضل الأوقات


العشر من ذي الحجة
أفضل الأعمال في أفضل الأوقات

بقلم : الأستاذ عمر أحرشان

من حكم الله عز وجل أن جعل العبادات تتفاضل بينها باختلاف الزمان والمكان، فجعل صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ، والصلاة في المسجد الحرام تفضلهما، وجعل سبحانه وتعالى شهر رمضان خير الشهور كلها، والعشر الأواخر منه أفضل من سابقاته، واختص ليلة من هاته العشر الأواخر فجعلها خيرا من ألف شهر تتنزل الملائكة والروح فيها بإذنه سبحانه وتعالى.

ومن مشيئة الله تعالى أن جعل الحياة لا تسير على وتيرة واحدة وبرتابة مملة لعلمه أن القلوب تمل، فجعل سبحانه التغيير سمة لازمة لحياة الإنسان حتى لا يطمئن إلى حال، وحتى لا يستلذ مكانا دون آخر، وحتى يشعر بأنه عابر سبيل، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما لي وما للدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها" رواه الإمام الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

لذلك جعل الله تعالى الأيام دولا "وتلك الأيام نداولها بين الناس" (آل عمران، 140) فشرع لعباده أياما يروحون فيها عن أنفسهم بعد استغراق في العبادة فكان عيد الفطر بعد رمضان، وعيد الأضحى بعد الحج، وقال صلى الله عليه وسلم "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر" رواه مسلم، وأعطانا صلى الله عليه وسلم من نفسه القدوة، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما فإنه يوم عيد"، كما وصانا سبحانه وتعالى بالاجتهاد في الطاعات في أوقات معينة مثل العشر الأواخر من رمضان حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيها، فقد روى الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان "إذا دخل العشر الأواخر شد المئزر وأيقظ نساءه".

وكالثلث الأخير من الليل حيث ينزل ربنا سبحانه إلى السماء الدنيا، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حيث يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" وبهذا كان صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر وأعبدهم يقوم الليل ولا يتركه وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقد روى البخاري عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه كان يقول "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم  أو تنتفخ- قدماه فيقال له فيقول "ألا أكون عبدا شكورا"".

وكالعشر الأول من ذي الحجة حيث يتقرب فيها العباد إلى الله تعالى بكل أنواع القربات من صلاة وصيام وصدقة وأضحية وحج، وقد أقسم بها الله تعالى في قوله "والفجر وليال عشر" وأوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام  يعني الأيام العشر- قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري من حديث بن عباس رضي الله عنه. وبين صلى الله عليه وسلم فضلها على ما دونها حيث قال "في أيام العشر يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر" رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي. وعن أنس رضي الله عنه قال: كان يقال في أيام العشر: بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم". رواه البيهقي والأصبهاني، وعن الأوزاعي رضي الله عنه قال: بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختصر امرؤ بشهادة" رواه البيهقي.

لهذا يتضح أن فوائد هذه الأيام المباركات كثيرة فالله تعالى أقسم بها، وسماها الأيام المعلومات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل الأيام، وحث على فعل الخير فيها، وأمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وفيها يوم التروية اليوم الثامن وهو من الأيام الفاضلة، وفيها يوم عرفة اليوم التاسع، وفيها ليلة شريفة ليلة المزدلفة وهي ليلة عيد النحر، وفيها الحج الأكبر، وفيها الأضحية التي هي من معالم الملة الإبراهيمية والشريعة المحمدية. فأنعم بها من أيام.

قد يستهين أحدهم بفضائل الأعمال في فضائل الأوقات معتبرا ذلك من النوافل وذلك لا حديث معه، لأنه لا هم له و"من أصبح وهمه غير الله فليس من الله" رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولا همة عنده "والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم" (الواقعة، 11)، ولا خبر عنده بأن الإكثار من النوافل هو باب الوصول إلى محبة الله عز وجل "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه" رواه البخاري.

اللهم ارزقنا محبتك ومحبة كل من ينفعنا حبه عندك، ومحبة كل عمل يقربنا إلى حبك. آمين.

تاريخ النشر: الثلاثاء 17 نونبر/تشرين الثاني 2009


منقول من موقع جماعة العدل و الإحسان بالمغرب


الثلاثاء، نوفمبر 03، 2009

ولبثوا في السجن سنين...


في فاتح نونبر عام 1991 تم اعتقال اثني عشر من الفصيل الطلابي لجماعة العدل والإحسان بتهمة لم تثبت، ثم أدينوا بعشرين سنة حبسا نافذا في ظروف أقل ما يقال عنها إنها كانت تنعدم فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة.

وحتى يعلم من لا يعلم، فإن ذلك الحكم الجائر قد جاء بعد فشل المفاوضات بل المساومات مع الأستاذ المرشد حفظه الله الذي كان تحت الحصار وأعضاء مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان الذين كانوا آنذاك رهن الاعتقال بسجن سلا. وبذلك يتأكد أن ذلك الحكم الثقيل لا علاقة له بالتهم المنسوبة إلى الطلبة الإثني عشر، وإنما كان وراءه قرار سياسي جبان، وانتقام أسود من الجماعة التي رفضت الرضوخ لإملاءات النظام ومساوماته الرامية إلى الإدماج والتدجين. ثم جاءت مناسبات أعلن فيها رسميا عن نية زعموا أنها صادقة لطي صفحة الماضي الكئيبة، وإنهاء الاعتقال السياسي. وقد تم بالفعل الإفراج عن المساجين السياسيين وأعيد لهم الاعتبار، لكن الاستثناء كان من نصيب الإخوة الإثني عشر، علما بأن قضيتهم تنطبق عليها كل المعايير المطلوبة لتسويتها، وتزيد بما يتمتع به أصحابها من خلق إسلامي رفيع، يشهد به كل من عرفهم عن كثب من حراس السجن ونزلائه، فضلا عما حصلوه من علوم وتكوين رصين. كل ذلك كان يقضي أن يكونوا في مقدمة من أطلق سراحهم وأنهيت محنتهم. لكن شيئا من ذلك لم يحدث، ليتأكد مرة أخرى الموقف العدائي الرسمي من الجماعة، وينكشف زيف الشعارات المرفوعة، كما تكسرت أيضا مصداقية بعض الحقوقيين الذين يزعمون أنهم يناهضون الاعتقال السياسي دونما تمييز وأيا كانت توجهات ضحاياه.

ولبث الإخوة في السجن سنين طوالا تعرضوا خلالها لمضايقات متواصلة كان القصد منها إضعاف إرادتهم وترويضهم لكي يتنكروا لمبادئهم ويعترفوا بالمنسوب إليهم ليبرئوا بذلك ساحة من دبر ومكر، ويتحملوا وحدهم وبغير وجه حق وزر ما وقع، وليبقى طلب العفو هو المخرج الوحيد لإنهاء محنتهم.

لكن الإخوة آثروا وبكامل وعيهم العزة وإن كانت دونها محنة على مخرج الذلة والهوان، والثبات على الموقف على الاستجداء والاستخذاء، ورفضوا في إباء عروض سدنة الطغيان ولسانُ حالهم يقول ما حكاه القرآن على لسان يوسف الصديق عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ﴿ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه﴾ . فصرف الله عز وجل عنهم كيدهم ومكرهم، وثبتهم ورزقهم في محنتهم منحا ظاهرة كثيرة.

وقد حولوا معتقلهم إلى خلوة للعبادة والتبتل والاستظلال بظلال القرآن. وأتم أكثرهم حفظ كتاب الله، وتفقهوا فيه، وخصصوا جزءا من أوقاتهم للتحصيل العلمي وتفوقوا فيه تفوقا ملحوظا. فمنهم من حصل على شهادة الدكتوراه، ومنهم من نال أكثر من إجازة وفي أكثر من تخصص. ولله المنة والفضل.


منقول من موقع جماعة العدل و الإحسان


اقرأ أيضا

أوقفوا المحاكمات الصورية
ملف الأخت حياة