الموضوع منقول من موقع "أخوات الآخرة" , و أشير إلى أن جميع مواقع جماعة العدل و الاحسان محجوبة في مغربنا الحبيب منذ 17/01/2009
ذة.لطيفة علوش 29 يناير 2009
الموت قدر محتوم، والكل يجهل الكيفية التي يتجرع بها ذلك الكأس، ﺇﺫ تتنوع الأساليب التي يلاقي الإنسان بها حتفه׃ ﺇما هدما أو حرقا أو خنقا أو بحادثة سير أو باعتداء من أحد أو بفعل يده عند تمرده على القدر... والأسهل من ﺫلك كما يعتقد البعض أن تقبض روحه على فراشه. لكن الأجمل من ﺫلك كله أن يختار الإنسان الموت بكرامة على أن يحيى حياة اﻠﺫل والهوان. فمتى يكون الموت حياة للكلمة والمبدأ؟.
قل باسم رب الغلام ثم اقتلني
من منا لا يقرأ سورة البروج ولا يعلم سبب نزولها وﺇنّ في سبب نزولها لعبرة، كما هي العبرة من صمود سكان غزة وثباتهم. فقد اختار الغلام علم الكتاب، وأصبح بارعا فيه، في حين كان الملك يريد منه أن يصبح ساحرا ليتولى منصب الساحر الذي أشرف على الموت. ولما اختار الغلام طريق الحق، عاداه الملك وحاول قتله مرارا وتكرارا؛ لكن عند كل محاولة قتل كان الغلام الموقن بتأييد الله ونصرته له يردد«اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت.» فيتعذر على الملك قتله. ولما أراد الغلام أن يعتنق سكان تلك المنطقة مبادئه السامية، ويتخلصوا من عبادة الملك آثر الموت لتحيى كلماته، وتنتشر. فقال للملك׃ إن أردت قتلي فاجمع الناس في صعيد واحد، وخذ السهم وقل بصوت عال باسم رب الغلام، ثم سدد ضربتك نحو صدري حينها سأموت. وبالفعل ھﺫا ما قام به الملك فاستشهد الغلام؛ لكن صاح الجمع قائلين׃ آمنا برب الغلام. فأصبحت كلماته حية تسري في أوصال سكان البلدة، حررتهم وأعطتهم إرادة قوية مكنتهم من الصمود والثبات في وجه الجلاد الطاغية الذي حفر الأخاديد وأشعل فيها النيران وأحرق كل من آمن برب الغلام. رب غلام ﺫلك الزمان هو رب حماس غزة في زماننا، والكلمة الحرة الصادقة لها ثمن كان سيد قطب رحمه الله يقول׃«أعمالنا دمى لاتسري فيها الحياة إلا بدمائنا.» فرب دم طاهر يضخ دماء جديدة في شرايين الأمة التي كاد قلبها يتوقف عن النبض.
لو قتلتم الآلاف منا لن تقتلوا روح الإرادة فينا
ھﺫه العبارة يرددها سكان غزة كل يوم من بدء القصف عليهم، يرددونها قولا وفعلا. فأنت حين ترى أطفالا تقطع أطرافهم، وتمزق أحشاؤهم، ويذهب نور بصرهم، وتشوه خلقتهم بأسلحة الفسفور الأبيض المحظور دوليا- واﻠﺫي لازال قيد التجربة- وترى الشباب في مقتبل العمر تتناثر أجسادهم هنا وهناك، والحوامل تبقر بطونهم، والشيوخ الضعاف تهدم بيوتهم عليهم. ترى شعبا أعزلا يحارب برا وبحرا وجوا بقذائف الهاون وبأحدث أنواع الأسلحة وأخطرها. ومع ﺫلك تجدهم صابرين صامدين لا يتأففون ولا يلقون باللوم على حما س كما يفعل بعض القادة العرب الدين يتحدثون من بروجهم العاجية وكراسيهم الناعمة.
فأنت حين تراهم تنحني إجلالا وإكبارا لشموخ هممهم وعلو قدرهم. فهم وإن ماتوا بتلك الطريقة البشعة فهم أحياء عند ربهم يرزقون. كما أنهم يحيون فينا معنى الانتماء للإسلام، ومعنى حياة الكرامة والعزة التي أرادها لنا رب العالمين، وعبر عنها الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه بقوله׃«جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام».
وبالمقابل فإنك تستصغر كل حقير يقبل أيدي الشياطين ويركن إليهم في السر؛ ويعلن نصرته للإسلام والمسلمين وقد قال عنه الحق عز وجل« و ﺇﺫا لقوا اﻠﺫين آمنوا قالوا آمنا وﺇﺫا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون»(1) يبيع آخرته وعزته بفتات موائد اللئام، فيعيش مهانا ويموت مهانا، يعيش خائفا حذرا من أن يفتضح أمره، وتنكشف موبقاته التي نال بها رضا الطغاة. قال تعالى «يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يوفكون»(2)؛ ويموت ملعونا ملطخا بدماء الشهداء. فليعلم هؤلاء أن الذنب لاينسى والدين لايبلى والديان لايموت اعمل ما شئت كما تدين تدان.
فاللهم تقبل من إخوتنا في غزة صبرهم وأيّدْهم بنصرك المبين، وارفع مقام شهدائهم إلى عِلّيين. وأحْي بدمائهم ضمائرنا وقلوبنا لنهب قائمين نقض عرش كل جبار لعين، ونقوض صولجان كل مستكبر عنيد. آمين آمين والحمد لله رب العالمين.
---------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة׃13-14
(2) المنافقون׃ 4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق