أخرج البيهقي عن
أنس رضي الله عنه قال :"جاء النساء إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقلن: (يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في
سبيل الله، أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله ؟ قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:" "مهنة إحداكن في بيتها
تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله" .ونقصد بخدمة البيت
جميع الأعمال التي من شأنها أن تجعل أهله وزواره يهنئون
بسكينة وراحة وطمأنينة، من تنظيف وترتيب وتجميل وغسل ثياب وإعداد طعام ...
نعرض نماذج لنساء أثمرت فيهن تربية الرسول
الكريم عليه أفضل الصلوات، فلم يجدن حرجا ولا ضيقا في خدمة بيوتهن بل رأينه
شرفا وابتغاء لمرضاة الله فكن خير نساء أشرقت عليهن الشمس:
فاطمة الزهراء - رضي الله عنها- تشتكي
فاطمة الزهراء رضي الله عنها و أرضاها، بنت رسول الله صلى الله عليه و
سلم، لم يشفع لها كونها خير نساء العالمين من أن ينالها بعض هذا النصب.
فلما اشتكت رضي الله عنها إلى أبيها سوء الحال من معاناة الرحى و جلب الماء
حتى مجِلت اليد، و أثر حبل القربة في النحر الشريف، و اغبرت الثياب من
الكنس، لم يُسعفها رسول اله صلى الله عليه و سلم بخادم، و لا سأل عليا عليه
السلام نفقة خادم، و هو كرم الله وجهه كان من أفقر المهاجرين،إنما
علّمها أن تُزين عملها و خدمتها–أي عبادتها- بالتسبيح والتكبير، وهو أشبه
ما يكون بالباقيات الصالحات دبر كل صلاة.فعن علي ابن أبي
طالب كرم الله وجهه... أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو
إليه ما تلقى من الرحى، قالت :" لقد مجلت يداي من
الرحى أطحن مرة وأعجن مرة ، وبلغها أنه جاءه رقيق- أي عبيد خدَم-، فلم
تصادفه، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته عائشة، قال علي : فجاءنا وقد أخذنا
مضاجعنا،فذهبنا نقوم، فقال :" "على مكانكما" "فجاء فقعد بيني
وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال:" "ألا أدلكما على خير
مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى
فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا و ثلاثين،
فهو خير لكما من خادم" .حديث رواه البخاري
ومسلم .
جبريل يقرئ خديجة- رضي الله -عنها السلام
إن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزمها كثير من التمعن والتدبر كي
نستخلص منها الدروس والعبر، فهذا جبريل عليه السلام أقرأ أمنا خديجة
رضي الله عنها من ربها السلام، وهي تحمل إناء الطعام- أي تخدم بيتها- ليلفت
انتباهنا إلى أن ما كانت تقوم به لا يقل شأنا عن باقي العبادات فظفرت
بوسام من فوق سبع سماوات: سلام ربها عز وجل و بشرى بيت في الجنة .عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال :"أتى جبريل النبي صلى
الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه
إدام-الإدام هو ما يجعل مع الخبز فيطيِّبه-، أو طعام أو شراب،فإذا هي أتتك
فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشِّرها ببيت في الجنة لا صخب فيه،
ولا نصب." صحيح البخاري.
أسماء بنت أبي بكر
تصف خدمة بيتها
تروي أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما تصف مهنتها في عمل أهلها و خدمة
بيتها تقول :"تزوجني الزبير ، وما له في
الأرض من مال ولا مملوك ، ولا شيء غير فرسه ، فكنت أعلِف فرسه، و
أكفيه مؤونته (أي مشقته)، و أسوسُه، ، و أدق النوى لناضحه (جمل يُجلَب عليه
الماء) فأعلفه، وأستقي الماء، وأخرِزُ غربَه ( أرقِّع الدلو) وأعجن ، ولم
أكن أُحسِن أَخبزُ ، فكانت تخبز لي جارات من الأنصار ، وكن نسوة صدق ،
وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على
رأسي ، وهي مني على ثلثي فرسخ-الفرسخ يعادل تقريبا ثمانية كيلومترات-..." حديث رواه البخاري
و مسلم.وننهي حديثنا بالإشارة
إلى أن خدمة البيت ما هي إلا بعض من مهام المؤمنة وليس جلها و لا تلغي
غيرها من المهام التي يحتاج إليها المجتمع والتي ينبغي أن تتصدى لها المرأة
فهي مربية، وعاملة، وداعية، ... وعليها أن تتجمل بالصبر الجميل حتى تقبل
على ربها وقد أدت ما عليها من واجبات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق